تقرير حصري: الجزائر… رقصة دبلوماسية بين طموح البريكس وواقع مصرف التنمية الجديد

 


تقرير حصري: الجزائر… رقصة دبلوماسية بين طموح البريكس وواقع مصرف التنمية الجديد

اليك عزيزي القارئ هذا الملخص كيف انضمت الجزائر الى البريكس

بعد قرأتك للمقال اترك تعليقا ايجابيا للمزيد من المقلات المشابهة

ملخص تنفيذي: الجزائر… مسارٌ متفرد في عالم الكتل الصاعدة

في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، اختارت الجزائر أن ترسم لنفسها مسارًا دبلوماسيًا فريدًا فيما يتعلق بمجموعة البريكس. فبينما لم تُكلل مساعيها بالانضمام كعضو كامل في هذه الكتلة الواعدة، بعد أن رُفِض طلبها رسميًا في سبتمبر 2024، إلا أنها حققت إنجازًا استراتيجيًا لا يقل أهمية: الانضمام الكامل إلى مصرف التنمية الجديد (NDB)، الذراع المالي لمجموعة البريكس، اعتبارًا من مايو 2025. هذا التمييز الدقيق ليس مجرد تفصيل إجرائي، بل هو انعكاس لرؤية جزائرية عميقة وواقعية لسياستها الخارجية.

الفقرة الثانية

لقد كان اهتمام الجزائر بالبريكس قويًا وملموسًا في البداية، وتوج بتقديم طلب رسمي للانضمام. لكن هذا المسعى اصطدم بما وصفته الجزائر بـ"تناقضات" داخلية في عملية الاختيار بالبريكس، بالإضافة إلى مناورات جيوسياسية معقدة، تضمنت ما تردد عن استخدام حق النقض من قبل إحدى الدول الأعضاء. هذه العوامل مجتمعة دفعت الجزائر إلى إعادة تقييم موقفها، واتخاذ قرار حاسم.

الفقرة الثالثة

في المقابل، يمثل الانضمام إلى مصرف التنمية الجديد خطوة حاسمة تؤكد التزام الجزائر بالمؤسسات المالية البديلة، ودورها المتنامي في تعزيز التعاون بين دول الجنوب. مؤشراتها الاقتصادية القوية وموقعها الاستراتيجي منحاها ثقلاً لا يمكن تجاهله في هذا المسار. يعكس هذا الوضع المزدوج الطبيعة المتغيرة لتوسع البريكس، حيث يمكن للتعاون المالي أن يمضي قدمًا بشكل مستقل عن الاندماج الكامل في الكتلة السياسية والاقتصادية، ويؤكد على النهج العملي والسيادي الذي تتبناه الجزائر في سياستها الخارجية.

اليك مقدمة

1. مقدمة: البريكس.. تحولات عالمية وطموحات جزائرية للارتقاء اقتصاديا

الفقرة الاولى

تُشكل مجموعة البريكس، التي نشأت في عام 2006 (وكانت تُعرف آنذاك بـ BRIC قبل انضمام جنوب إفريقيا في 2011)، منصة حيوية لتعزيز التعاون بين الاقتصادات الناشئة الكبرى. تتنوع مجالات هذا التعاون لتشمل الجوانب الاقتصادية، السياسية، وحتى الثقافية. تعمل المجموعة كساحة للتنسيق السياسي والدبلوماسي بين دول الجنوب العالمي، بهدف مناقشة القضايا الدولية المحورية وتعزيز مواقفها المشتركة نحو حوكمة عالمية أكثر ديمقراطية وتوازنًا. من المهم الإشارة إلى أن البريكس ليست منظمة رسمية بمعاهدة أو ميزانية خاصة أو أمانة دائمة، بل تعتمد آلياتها على توافق الآراء بين أعضائها في عملية صنع القرار.

الفقرة الثانية

شهدت المجموعة توسعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث أُعْلِن عن التوسع الثاني خلال قمة جوهانسبرغ عام 2023، بانضمام خمسة أعضاء جدد (المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات العربية المتحدة، إثيوبيا، وإيران) اعتبارًا من عام 2024. وفي 6 يناير 2025، أعلنت البرازيل رسميًا انضمام إندونيسيا كعضو كامل، ليرتفع العدد الإجمالي للأعضاء إلى أحد عشر. وفي قمة قازان عام 2024 في روسيا، اُسْتُحْدِثَت فئة جديدة هي "الدول الشريكة"، ودُعيت دول مثل بيلاروسيا، بوليفيا، كوبا، كازاخستان، ماليزيا، تايلاند، أوغندا، أوزبكستان، ونيجيريا للانضمام إليها. وخلال عام 2024، أبدت أكثر من 30 دولة اهتمامها بالمشاركة في البريكس، سواء كأعضاء أو كشركاء. هذا التوسع المتزايد يعكس نفوذ البريكس المتنامي وطموحها في تحدي النظام العالمي التقليدي الذي تقوده الدول الغربية، وتقديم بدائل اقتصادية ودبلوماسية.

إن وجود فئات متعددة للمشاركة، كالأعضاء الكاملين والدول الشريكة، بالإضافة إلى العضوية المستقلة في مصرف التنمية الجديد، يشير إلى أن البريكس تتطور من كتلة موحدة إلى منصة مشاركة متعددة المستويات وأكثر مرونة. هذا التنوع يتيح درجات متفاوتة من الالتزام والتوافق، بما يلبي المصالح الوطنية المتنوعة. فوجود هذه الفئات يدل على قرار استراتيجي من قبل البريكس لتوسيع نطاق نفوذها دون منح سلطة اتخاذ القرار الكاملة لجميع الأطراف المهتمة. وهذا يوفر نقطة دخول "ناعمة" أو توافقًا جزئيًا، مما يتيح للدول مثل الجزائر المشاركة في جوانب معينة (مثل مصرف التنمية الجديد) دون الاندماج الكامل في الكتلة السياسية والاقتصادية، والتي قد تحمل تداعيات جيوسياسية مختلفة أو تحديات داخلية للبلد. هذه المرونة قد تكون وسيلة لإدارة العدد الكبير من الدول المهتمة بالانضمام.

اليك هذا الجدول لفهم 

الجدول 1: الدول الأعضاء الكاملة في البريكس والجدول الزمني للتوسع (2006-2025)

السنة

الحدث / مرحلة التوسع

الدول الأعضاء (الأصلية، التوسع الأول، التوسع الثاني)

الأعضاء الجدد المضافون

2006

الاجتماع الأول لوزراء الخارجية (BRIC)

البرازيل، روسيا، الهند، الصين

-

2009

القمة الأولى لرؤساء الدول

البرازيل، روسيا، الهند، الصين

-

2011

التوسع الأول (إضافة "S")

البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا

جنوب إفريقيا

2023

قمة جوهانسبرغ (تحديد التوسع الثاني)

البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا

-

2024

التوسع الثاني (ساري المفعول)

البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا، المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات العربية المتحدة، إثيوبيا، إيران

المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات العربية المتحدة، إثيوبيا، إيران

2025

انضمام إندونيسيا (يناير)

البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا، المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات العربية المتحدة، إثيوبيا، إيران، إندونيسيا

إندونيسيا


أعربت الجزائر عن اهتمامها الكبير بالانضمام إلى البريكس، حيث صرح الرئيس عبد المجيد تبون في يوليو 2023 أن بلاده ترغب في الانضمام وخصصت 1.5 مليار دولار للمساهمة في مصرف التنمية الجديد. وقد قدمت الجزائر طلبها رسميًا في نوفمبر 2022، وهو ما رحبت به روسيا والصين، وهما عضوان رئيسيان في البريكس. وشملت الدوافع تعزيز العلاقات الاقتصادية، وتحسين مكانتها الدولية، واكتساب قدرة اقتراض جديدة من مصرف التنمية الجديد، وتسهيل نقل التكنولوجيا. وقد وضعها قوتها الاقتصادية، بما في ذلك القضاء شبه الكامل على ديونها الخارجية وجهودها في التنويع، كمرشح قوي.

ومع ذلك، على الرغم من أن البريكس تهدف إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على الحوكمة العالمية وتحدي المؤسسات القائمة، فإن عملية توسعها يبدو أنها تتأثر بالديناميكيات السياسية الداخلية وتحديات التوافق بدلاً من الجدارة الاقتصادية البحتة. وهذا يؤدي إلى غموض استراتيجي بالنسبة للدول الطامحة. حالة الجزائر، التي تتمتع بمؤشرات اقتصادية قوية وتحظى بإشادة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولكنها لم تُدرج في التوسع الرئيسي وتم رفض طلبها بسبب "حق النقض" المتأثر بـ "مصالح تافهة"، تشير إلى أن عملية توسع البريكس لا تستند فقط إلى معايير اقتصادية موضوعية أو رؤية موحدة لتحدي النظام العالمي. بل إنها عرضة للمناورات السياسية الداخلية والمصالح الفردية للأعضاء الحاليين، مما قد يقوض أهدافها المعلنة المتمثلة في الشمولية والحوكمة المتوازنة. وهذا يخلق حالة من عدم اليقين للدول الطامحة الأخرى ويسلط الضوء على الانقسامات الداخلية داخل الكتلة.

2. حالة عضوية الجزائر في البريكس: توضيح قاطع

على الرغم من الاهتمام الأولي القوي وتقديم طلب رسمي في نوفمبر 2022، لم تصبح الجزائر عضوًا كاملًا في مجموعة البريكس. ففي قمة جوهانسبرغ عام 2023، تم الإعلان عن انضمام خمسة أعضاء جدد (المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات العربية المتحدة، إثيوبيا، وإيران) اعتبارًا من عام 2024، لكن الجزائر لم تكن من بينهم. والأهم من ذلك، أن الجزائر رفضت لاحقًا طلبها في سبتمبر 2024، لتصبح ثاني دولة بعد الأرجنتين تتراجع وتوقف طلبها. وقد صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون صراحة في أكتوبر 2023 أن الانضمام إلى البريكس بشكله الحالي لم يعد ضمن اهتمامات الجزائر، معلنًا "إغلاق ملف مجموعة البريكس نهائيًا".

أما بالنسبة لوضع "الدولة الشريكة" في البريكس، فقد تم إنشاء هذه الفئة في قمة قازان عام 2024. وتشمل الدول الشريكة الحالية بيلاروسيا، بوليفيا، كوبا، كازاخستان، ماليزيا، تايلاند، أوغندا، أوزبكستان، ونيجيريا. لا توجد أي إشارة في المعلومات المتاحة إلى أن الجزائر قد قُبلت أو تسعى للحصول على وضع "الدولة الشريكة". وتشير تصريحاتها الرسمية إلى إغلاق كامل لملف عضوية البريكس.

على النقيض من عضوية البريكس الكاملة، أصبحت الجزائر رسميًا دولة عضو في مصرف التنمية الجديد (NDB)، وهي مؤسسة مالية أنشأتها دول البريكس. وقد أعلنت رئيسة مصرف التنمية الجديد، ديلما روسيف، قرار انضمام الجزائر إلى المصرف في كيب تاون بجنوب إفريقيا في 31 أغسطس 2024. وأودعت الجزائر وثيقة انضمامها رسميًا في 19 مايو 2025، مما أضفى الطابع الرسمي على عضويتها. وقد رحبت كل من رئيسة المصرف ديلما روسيف ووزير المالية الجزائري عبد الكريم بوزرد بهذا التطور، مسلطين الضوء على دور الجزائر الهام في اقتصاد شمال إفريقيا والعالم وإمكاناتها للنمو. وقد لوحظ التزام الجزائر الأولي بالمساهمة بمبلغ 1.5 مليار دولار في مصرف التنمية الجديد في يوليو 2023.

إن عضوية الجزائر في مصرف التنمية الجديد دون عضويتها الكاملة في كتلة البريكس تبرهن على استقلالية مصرف التنمية الجديد المتزايدة ووظيفته كآلية متميزة لتوسيع نفوذ البريكس المالي وأجندة التنمية عالميًا، بغض النظر عن التوافق مع الكتلة السياسية. وهذا يسمح للبريكس بإبراز قوتها الاقتصادية وتقديم بدائل للمؤسسات المالية الغربية (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي) حتى للدول غير المستعدة أو غير القادرة على الانضمام إلى التجمع السياسي الكامل.

يعكس قرار الجزائر نهجًا انتقائيًا وعمليًا للغاية في الانخراط متعدد الأطراف، حيث تعطي الأولوية للمنافع الاقتصادية الملموسة والاستقلال الاستراتيجي على التوافق السياسي الرمزي عندما يأتي الأخير مع تناقضات أو تكاليف جيوسياسية متصورة. إن تصرفات الجزائر تظهر تفضيلًا واضحًا للشراكات التي تقدم مزايا اقتصادية ملموسة (مثل تمويل مصرف التنمية الجديد) دون المساس بسيادتها أو خضوعها لما تعتبره استبعادات سياسية تعسفية. وهذا يشير إلى سياسة خارجية متطورة يمكنها التمييز بين الجوانب المختلفة للكتل الدولية والتعامل معها بشروطها الخاصة، بدلاً من القبول أو الرفض الشامل. وهذا يعزز التزام الجزائر بالتعددية القطبية ولكن بشروطها الخاصة.

3. مسار الانخراط: جدول زمني مفصل (2022-2025)

بدأ مسار انخراط الجزائر مع البريكس ومصرف التنمية الجديد باهتمام مبدئي قوي، ثم تطور إلى مسار متباين للعضوية.

طلب الجزائر الرسمي

التعبير الأولي عن الاهتمام والطلب الرسمي (2022-2023):

 في نوفمبر 2022، قدمت الجزائر رسميًا طلبًا للانضمام إلى البريكس. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبًا من روسيا والصين. وفي أبريل 2023، أعرب الرئيس تبون عن رغبة الجزائر في الانضمام إلى البريكس في مقابلة مع قناة الجزيرة، مشيرًا إلى إمكانية تعزيز الاقتصاد وربما البدء كدولة مراقبة. وفي يوليو 2023، كرر الرئيس تبون اهتمام الجزائر بالانضمام إلى البريكس وأعلن عن التزام بمبلغ 1.5 مليار دولار للمساهمة في مصرف التنمية الجديد. وقد دل ذلك على نية واضحة للانضمام إلى كل من الكتلة والمصرف.

اليك قمة جوهانسبورغ

قمة جوهانسبرغ والرفض اللاحق للعضوية الكاملة (أغسطس-أكتوبر 2023): 

عُقدت القمة الخامسة عشرة للبريكس في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس 2023. وفي هذه القمة، تم تحديد التوسع الثاني للمجموعة، مع دعوة ستة أعضاء جدد: الأرجنتين، مصر، إثيوبيا، إيران، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. ومن اللافت للنظر أن الجزائر لم تكن ضمن هذه القائمة. وفي أكتوبر 2023، بعد قمة جوهانسبرغ، صرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون علنًا أن الانضمام إلى البريكس بشكله الحالي لم يعد ضمن اهتمامات الجزائر، معلنًا "إغلاق ملف مجموعة البريكس نهائيًا". وقد أشارت هذه التصريحات إلى تحول واضح في موقف الجزائر بشأن العضوية الكاملة.


السحب الرسمي لطلب العضوية الكاملة في البريكس (سبتمبر 2024):

 رفضت الجزائر رسميًا وأوقفت طلبها للحصول على عضوية كاملة في البريكس في سبتمبر 2024. وقد عزز هذا الإجراء تصريح الرئيس تبون السابق.


الموافقة على عضوية مصرف التنمية الجديد والانضمام الرسمي (أغسطس 2024 - مايو 2025):

 في 31 أغسطس 2024، وافق مصرف التنمية الجديد على عضوية الجزائر. وقد أعلنت رئيسة المصرف ديلما روسيف هذا القرار في اجتماع عُقد في كيب تاون بجنوب إفريقيا. وفي 19 مايو 2025، أودعت الجزائر وثيقة انضمامها رسميًا، لتصبح دولة عضو في مصرف التنمية الجديد. وفي 22 مايو 2025، أصدر مصرف التنمية الجديد ومسؤولون جزائريون (وزير المالية عبد الكريم بوزرد) بيانات ترحيبًا بالعضوية الرسمية للجزائر في المصرف، مؤكدين على أهميتها الاقتصادية وإمكاناتها للنمو.

الجدول 2: أبرز المحطات في انخراط الجزائر مع البريكس ومصرف التنمية الجديد (2022-2025)

التاريخ

الحدث / الإجراء

الجهات الفاعلة / التصريحات الرئيسية

الأهمية / النتيجة

نوفمبر 2022

تقديم الجزائر طلبًا رسميًا للانضمام إلى البريكس

الجزائر، ترحيب من روسيا والصين

تعبير مبدئي عن الاهتمام بالعضوية الكاملة

أبريل 2023

الرئيس تبون يعرب عن رغبة الجزائر في الانضمام إلى البريكس

الرئيس تبون (الجزيرة)

إشارة إلى اهتمام الجزائر بالانضمام، مع إمكانية البدء كدولة مراقبة

يوليو 2023

الرئيس تبون يعلن عن التزام الجزائر بمساهمة 1.5 مليار دولار في مصرف التنمية الجديد

الرئيس تبون

تأكيد نية الجزائر للانضمام إلى البريكس ومصرف التنمية الجديد

22-24 أغسطس 2023

قمة جوهانسبرغ للبريكس

قادة البريكس

الإعلان عن ستة أعضاء جدد (الأرجنتين، مصر، إثيوبيا، إيران، السعودية، الإمارات)، استبعاد الجزائر

أكتوبر 2023

الرئيس تبون يعلن إغلاق ملف البريكس نهائيًا

الرئيس تبون

رفض الجزائر للعضوية الكاملة في البريكس

31 أغسطس 2024

موافقة مصرف التنمية الجديد على عضوية الجزائر

رئيسة مصرف التنمية الجديد ديلما روسيف

موافقة رسمية على عضوية الجزائر في الذراع المالي للبريكس

سبتمبر 2024

الجزائر ترفض طلبها السابق للعضوية الكاملة في البريكس

الجزائر

تأكيد الانسحاب من مسار العضوية الكاملة

19 مايو 2025

إيداع الجزائر وثيقة انضمامها رسميًا إلى مصرف التنمية الجديد

الجزائر

إضفاء الطابع الرسمي على عضوية الجزائر في مصرف التنمية الجديد

22 مايو 2025

بيانات رسمية ترحب بعضوية الجزائر في مصرف التنمية الجديد

مصرف التنمية الجديد، وزير المالية الجزائري

تأكيد أهمية عضوية الجزائر في المصرف

ماذا يكشف هذا الجدول

يكشف هذا الجدول الزمني عن فترة زمنية كبيرة (من أغسطس 2024 إلى مايو 2025) بين موافقة مصرف التنمية الجديد على عضوية الجزائر وانضمام الجزائر الرسمي. وهذا يسلط الضوء على التعقيدات البيروقراطية والقانونية المتأصلة في الانضمام إلى المؤسسات المالية الدولية، والتي تتضمن عمليات تشريعية داخلية وإيداع وثائق رسمية. هذه الفجوة تشير إلى أنه حتى بعد دعوة أو موافقة، يجب على الدولة إكمال الإجراءات القانونية والمؤسسية الداخلية لإضفاء الطابع الرسمي على العضوية. هذا التفصيل يضيف واقعية لفهم عمليات المؤسسات الدولية، متجاوزًا مجرد الإعلانات إلى الجوانب العملية لإضفاء الطابع الرسمي على الالتزامات.

إن إعلان الجزائر الحازم بإغلاق ملف البريكس بينما تسعى في الوقت نفسه للحصول على عضوية مصرف التنمية الجديد يشير إلى تحول استراتيجي بدلاً من فك الارتباط الكامل بمنظومة نفوذ البريكس. وهذا يوحي بأن الجزائر مستعدة للانخراط مع مكونات محددة من هيكل البريكس التي تتوافق مع مصالحها الوطنية، حتى لو كانت الكتلة السياسية الأوسع تعتبر غير مناسبة. هذا ليس تناقضًا بل خيارًا استراتيجيًا متطورًا. لقد ميزت الجزائر بوضوح بين الكتلة السياسية والاقتصادية (البريكس) وذراعها المالي (مصرف التنمية الجديد). ومن خلال إغلاق ملف البريكس، تؤكد الجزائر سيادتها وترفض ما تعتبره عملية اختيار غير عادلة. ومع ذلك، من خلال الانضمام إلى مصرف التنمية الجديد، فإنها تشير إلى التزامها المستمر بالتعاون المالي متعدد الأطراف والسعي لتحقيق المنافع الاقتصادية التي تقدمها هذه المؤسسة البديلة. وهذا يظهر سياسة خارجية عملية تسعى إلى تحقيق أقصى قدر من المصلحة الوطنية من خلال الانخراط انتقائيًا في الأطر الدولية.

4. الاعتبارات الاستراتيجية: لماذا تراجعت الجزائر عن العضوية الكاملة في البريكس؟

تأثر قرار الجزائر بعدم متابعة العضوية الكاملة في البريكس بعدة عوامل رئيسية، والتي تكشف عن ديناميكيات داخلية معقدة داخل المجموعة.


ما  هي العوامل التي ساهمت في قرار الجزائر

العوامل التي ساهمت في قرار الجزائر بعدم متابعة العضوية الكاملة في البريكس: 

في قمة جوهانسبرغ في أغسطس 2023، دعت البريكس ستة أعضاء جدد للانضمام، واستبعدت الجزائر صراحة على الرغم من اهتمامها القوي وطلبها. وكان هذا الاستبعاد، دون سبب واضح ومعلن، عاملاً مهمًا في خيبة أمل الجزائر. وقد سلطت المصادر الجزائرية الضوء على "تناقض صارخ" في نهج البريكس، بحجة أن منظمة تهدف إلى تحدي المؤسسات المالية العالمية القائمة (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) اعتمدت "منطق اختيار سخيف" حد من تأثيرها ونطاقها. فبدلاً من الشمولية الواسعة، اختارت نهجًا تقييديًا، مما أضعف مصداقيتها في نظر الجزائر.

تعتقد الجزائر أنها في وضع اقتصادي أقوى من العديد من الدول التي انضمت إلى البريكس في أغسطس 2023. فهي تتمتع بموارد طبيعية كبيرة، ولا يوجد لديها تقريبًا أي ديون خارجية، واقتصادها ديناميكي. ومن المفارقات أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قد أشادا بأداء الجزائر الاقتصادي. وقد جعل هذا قرار البريكس بتجاهل إنجازات الجزائر يبدو متناقضًا. وكشف حاسم يشير إلى أن دولة عضو محددة في البريكس استخدمت حق النقض ضد انضمام الجزائر، مدفوعة بـ "مصالح تافهة" وتأثرت بـ "إمارة خليجية متواضعة". وهذا يشير إلى أن المناورات الجيوسياسية والضغوط الخارجية لعبت دورًا حاسمًا، متجاوزة المعايير الاقتصادية. وبالتالي، اعتُبر استبعاد الجزائر نتيجة لاعتبارات سياسية وليست جدارة اقتصادية موضوعية، مما يسلط الضوء على هشاشة التزامات البريكس تجاه الاقتصادات الناشئة عندما تتفوق العوامل الجيوسياسية.


كيف افهم معاير البريكس

فهم الديناميكيات الداخلية ومعايير الاختيار في البريكس

 تشمل معايير العضوية الكاملة التوازن الجغرافي، والعلاقات الدبلوماسية الجيدة مع جميع الأعضاء، والامتناع عن فرض عقوبات غير مصرح بها من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعضوية الأمم المتحدة، ودعم التعددية، وإصلاح الحوكمة العالمية. ومع ذلك، تشير حالة الجزائر إلى أن هذه المعايير المعلنة قد لا تكون هي المحددات الوحيدة. يتم اتخاذ القرارات بالإجماع بين القادة. وهذا الشرط يعني أن أي عضو واحد يمكنه فعليًا عرقلة أي طلب، كما هو مفهوم من "حق النقض" المزعوم. ولم تكن جميع الدول الأعضاء الأساسية متحمسة بنفس القدر للتوسع، حيث كانت روسيا والصين الأكثر حماسًا، والهند والبرازيل الأقل. هذا الاختلاف الداخلي يزيد من تعقيد عملية التوسع.

إن تجربة الجزائر تكشف أن الدول الطامحة للانضمام إلى البريكس قد تواجه تكاليف جيوسياسية غير متوقعة، بما في ذلك حقوق النقض المحتملة المدفوعة بالمنافسات الإقليمية أو التأثير الخارجي، والتي يمكن أن تفوق الفوائد المتصورة للانضمام إلى الكتلة. وهذا النموذج يعقد سرد البريكس كمجموعة اقتصادية بحتة أو تجمع تضامني لـ "الجنوب العالمي". هذا يشير إلى أن الانضمام إلى البريكس لا يقتصر فقط على تلبية المعايير الاقتصادية أو التوافق مع أجندة "الجنوب العالمي". بل إنه ينطوي على التنقل في منافسات جيوسياسية معقدة وضغوط خارجية محتملة على الأعضاء الحاليين. وبالنسبة للدول الطامحة، هذا يعني أن "تكلفة" العضوية قد تشمل الوقوع في صراعات بالوكالة أو مواجهة عقبات سياسية تعسفية، مما يجعل العملية أقل شفافية ويمكن التنبؤ بها مما تشير إليه المعايير المعلنة. وهذا يقوض صورة البريكس كبديل قائم على الجدارة أو شامل عالميًا للمؤسسات الغربية.


ما هوا منظور الجزائر الاقتصادي

منظور الجزائر بشأن قوتها الاقتصادية وسيادتها وتوافقها الجيوسياسي:

 يؤكد قرار الجزائر على التزامها بالحفاظ على سيادتها ومبادئها. فهي تعطي الأولوية لمسارها المستقل في العلاقات الدولية. وتواصل البلاد الدعوة إلى التعددية القطبية والتعاون متعدد الأطراف ضمن أطر أخرى، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومجموعة الـ 77، وحركة عدم الانحياز. وهذا يظهر سياسة خارجية عملية تسعى إلى النفوذ والتعاون حيثما تحترم مبادئها.

إن الانقسامات الداخلية بين الأعضاء الأساسيين في البريكس فيما يتعلق بالتوسع وحق النقض السياسي المزعوم ضد الجزائر يشيران إلى تحديات كبيرة تواجه تماسك الكتلة وقدرتها على العمل كصوت موحد للجنوب العالمي. وهذا قد يحد من فعاليتها على المدى الطويل في تحدي النظام العالمي القائم. إن كتلة تكافح من أجل التوافق الداخلي بشأن قضايا أساسية مثل توسيع العضوية، خاصة عندما تتفوق المصالح السياسية على المعايير المعلنة، تخاطر بتقويض مصداقيتها وفعاليتها. وإذا تأثرت القرارات بـ "مصالح تافهة" وتأثير خارجي، فإن ذلك يضر بقدرة البريكس على تقديم بديل موحد وديمقراطي حقًا لهياكل الحوكمة العالمية القائمة. وهذا الاحتكاك الداخلي يمكن أن يعيق قدرتها على تحقيق أهدافها الطموحة لإصلاح الحوكمة العالمية وتوازن القوى الدولية.


اليك اهمية عضوية الجزائر

5. أهمية عضوية مصرف التنمية الجديد للجزائر

على الرغم من قرارها بشأن العضوية الكاملة في البريكس، فإن انضمام الجزائر إلى مصرف التنمية الجديد يحمل أهمية استراتيجية كبيرة، ويقدم لها فرصًا ومزايا متعددة.


الفوائد والفرص للجزائر من خلال عضويتها في مصرف التنمية الجديد:

 تتمثل المهمة الأساسية لمصرف التنمية الجديد في تعبئة الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية. وبالنسبة للجزائر، يوفر هذا قدرة اقتراض جديدة ونظام تمويل بديل للمؤسسات التقليدية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مما يتوافق مع هدفها في تنويع الشراكات المالية. وقد أكدت رئيسة المصرف ديلما روسيف التزام المصرف بدعم أجندة الجزائر للتنمية المستدامة، خاصة بالنظر إلى موارد الجزائر الطبيعية الغنية، واقتصادها الديناميكي، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي.

يعمل مصرف التنمية الجديد كمنصة للتعاون وتبادل المعرفة بين الدول الأعضاء، مما يعزز المشاريع المؤثرة التي تدفع التقدم وتحسن حياة الناس. وصرح وزير المالية الجزائري عبد الكريم بوزرد أن عضوية المصرف هي شهادة على إيمان الجزائر بالدور الحيوي لهذه المؤسسة في تمويل التنمية العالمية، ومكانتها كلاعب رئيسي قادر على تقديم حلول بديلة ومبتكرة. وتمثل هذه الخطوة تعزيزًا لاندماج الجزائر في النظام المالي العالمي. وقد ساهمت المؤشرات الاقتصادية الكلية القوية للجزائر، بما في ذلك تصنيفها كاقتصاد ناشئ من الفئة العليا وكونها المصدر الرئيسي للغاز الطبيعي في إفريقيا، في نجاح عضويتها في مصرف التنمية الجديد. وتوفر هذه العضوية آفاقًا جديدة لدعم وتعزيز نموها الاقتصادي.

ماهوا دور المصرف

دور مصرف التنمية الجديد كمؤسسة مالية بديلة:

 تأسس مصرف التنمية الجديد في عام 2015 من قبل دول البريكس الأصلية، ويهدف إلى استكمال جهود المؤسسات المالية متعددة الأطراف والإقليمية الأخرى من خلال تعبئة الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة. وقد وافق المصرف على أكثر من 120 مشروعًا استثماريًا بقيمة إجمالية تبلغ 40 مليار دولار أمريكي، تغطي عدة مجالات رئيسية، بما في ذلك الطاقة النظيفة وكفاءة الطاقة، والبنية التحتية للنقل، وحماية البيئة، وإمدادات المياه والصرف الصحي، والبنية التحتية الاجتماعية والرقمية. يُنظر إلى مصرف التنمية الجديد على أنه يقدم بديلاً لمؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مما يعكس هدف مجموعة البريكس الأوسع لإصلاح الحوكمة الاقتصادية والمالية الدولية. ويظهر توسع المصرف ليشمل أعضاء غير تابعين للبريكس مثل بنغلاديش، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والآن الجزائر، مدى انتشاره وجاذبيته المتزايدة كمصرف تنمية متعدد الأطراف.

إن عضوية الجزائر في مصرف التنمية الجديد تعزز فكرة أن التعاون الاقتصادي والمالي بين دول الجنوب العالمي يمكن أن يحدث بفعالية من خلال مؤسسات متخصصة مثل مصرف التنمية الجديد، حتى عندما تواجه التكامل السياسي الأوسع في كتل مثل البريكس عقبات. وهذا النموذج يمكن أن يكون بمثابة مخطط للتعاون المستقبلي بين دول الجنوب. يوفر مصرف التنمية الجديد وسيلة عملية للدول النامية والناشئة لتجميع الموارد وتمويل مشاريع التنمية الحيوية دون التورط في التعقيدات السياسية أو قضايا التوافق في كتلة سياسية أكبر وأكثر تنوعًا. وهذا يسمح بالتعاون المركز والموجه نحو المشاريع الذي يلبي احتياجات التنمية بشكل مباشر، مما قد يجعله نموذجًا أكثر فعالية وجاذبية للعديد من دول الجنوب العالمي من العضوية الكاملة في الكتلة. وهذا يشير إلى اتجاه نحو التعاون الوظيفي على التوافق السياسي الواسع في بعض الحالات.

يتوافق سعي الجزائر النشط ونجاحها في الحصول على عضوية مصرف التنمية الجديد تمامًا مع استراتيجيتها الدبلوماسية الاقتصادية الأوسع لتنويع شراكاتها وتقليل الاعتماد على المؤسسات المالية الغربية التقليدية، مع الاستفادة من نمو صادراتها غير النفطية ووضعها الخالي من الديون. توفر عضوية مصرف التنمية الجديد للجزائر إمكانية الوصول إلى رأس المال لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة، والتي تعد حاسمة لأهدافها في التنويع الاقتصادي. ومن خلال الانخراط مع مؤسسة مالية تقودها البريكس، تعزز الجزائر مكانتها في الجنوب العالمي وتقلل من اعتمادها على الهيئات المالية الغربية التقليدية، وبالتالي تعزز سيادتها الاقتصادية. وهذا تجسيد واضح لرؤيتها الاستراتيجية لبناء اقتصاد مرن ومستقل من خلال شراكات دولية متنوعة.


6. ما وراء البريكس: استمرار انخراط الجزائر متعدد الأطراف

تُظهر السياسة الخارجية للجزائر التزامًا راسخًا بالتعددية القطبية والتعاون متعدد الأطراف، حتى بعد قرارها بعدم متابعة العضوية الكاملة في البريكس.


التزام الجزائر المستمر بالتعددية القطبية والتعاون:

 لقد دعت الجزائر باستمرار إلى التعددية القطبية في العلاقات الدولية وإعادة تأسيس التعاون متعدد الأطراف. وهذا الموقف الفلسفي يوجه سياستها الخارجية. وعلى الرغم من قرارها بشأن العضوية الكاملة في البريكس، ستواصل الجزائر الدفاع عن خياراتها والانخراط مع حلفائها في أطر أخرى.


الانخراط ضمن المنتديات الدولية الأخرى: 

تحافظ الجزائر على مشاركة نشطة في الهيئات الدولية الرئيسية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومجموعة الـ 77، وحركة عدم الانحياز. وتتيح هذه المنصات للجزائر مواصلة الدفاع عن مبادئها ومصالحها، لا سيما تلك المتعلقة بإصلاح الحوكمة العالمية وصوت الجنوب العالمي. ويبرز امتناعها عن التصويت على قرار الأمم المتحدة الذي يدين العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا سياستها الخارجية المستقلة وموقفها غير المنحاز.


الآثار المترتبة على مكانة الجزائر الإقليمية والعالمية:

 يُظهر نهج الجزائر التزامها بمشاركة مستقلة وذاتية في المشهد الدولي. وتعزز مؤشراتها الاقتصادية القوية، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، ودورها كمنتج رئيسي للطاقة مكانتها كلاعب مهم في شمال إفريقيا وعلى الصعيد العالمي. ومن خلال الانخراط انتقائيًا مع الكتل والمؤسسات الدولية، تسعى الجزائر إلى تحقيق أقصى قدر من نفوذها وتأمين مصالحها الوطنية دون أن تكون مقيدة بالديناميكيات الداخلية أو الأجندات السياسية لأي تجمع واحد.

إن السياسة الخارجية للجزائر، التي تتميز بموقفها الثابت بشأن السيادة، ورفض الاستبعادات ذات الدوافع السياسية، والانخراط الانتقائي مع مختلف الهيئات الدولية (بما في ذلك مصرف التنمية الجديد ولكن ليس البريكس الكاملة)، تضعها كنموذج رائد لـ "عدم الانحياز النشط" في نظام عالمي متعدد الأقطاب بشكل متزايد. وهذا النهج يسمح لها بالحفاظ على المرونة ومتابعة مصالحها عبر تحالفات متنوعة. هذا النمط يشير إلى استراتيجية متعمدة لـ "عدم الانحياز النشط" أو "الاستقلال الاستراتيجي". فالجزائر لا تتجنب التحالفات ببساطة؛ بل تختار بنشاط مشاركات محددة تخدم مصالحها الوطنية وتدعم مبادئها في التعددية القطبية واتخاذ القرارات السيادية. وفي عالم تتغير فيه الكتل التقليدية، يسمح هذا النهج للجزائر بالحفاظ على النفوذ الدبلوماسي، وتجنب الانجرار إلى صراعات بالوكالة، ومتابعة التنمية الاقتصادية من خلال شراكات متنوعة، مما يضعها كصوت مستقل يحظى بالاحترام في الجنوب العالمي.


7. الخلاصة: التوقعات المستقبلية والآثار الجيوسياسية

تُحدد علاقة الجزائر مع البريكس بتمييز واضح: عدم العضوية في الكتلة السياسية والاقتصادية، ولكن العضوية الكاملة في ذراعها المالي، مصرف التنمية الجديد. هذا الوضع المزدوج هو نتيجة مباشرة لتقييم الجزائر لعملية توسع البريكس، التي وجدتها غير متسقة وتتأثر بالمناورات الجيوسياسية، على النقيض من وضعها الاقتصادي القوي.

من المرجح أن تواصل الجزائر تعزيز علاقاتها الثنائية مع الأعضاء الرئيسيين في البريكس (مثل روسيا، الصين، الهند) ودول الجنوب العالمي الأخرى، مستفيدة من عضويتها في مصرف التنمية الجديد للتعاون الاقتصادي. إن التزامها بالتعددية القطبية ودورها النشط في المنتديات متعددة الأطراف الأخرى سيعزز مكانتها كصوت مؤثر للدول النامية، لا سيما في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتضمن السياسة الخارجية الجزائرية العملية والمستقلة بقاءها لاعبًا مهمًا في تشكيل نظام دولي أكثر توازنًا.

تُعد حالة الجزائر سابقة، توضح أن توسع البريكس ليس عملية استيعاب مباشرة، بل هو تفاوض معقد يتأثر بالديناميكيات الداخلية، والمنافسات الجيوسياسية، والخيارات السيادية للدول الطامحة. وتشير قدرة مصرف التنمية الجديد على جذب الأعضاء بشكل مستقل عن الكتلة الرئيسية للبريكس إلى اتجاه متزايد نحو التعددية الوظيفية المدفوعة اقتصاديًا والتي يمكنها تجاوز المآزق السياسية. تساهم هذه الديناميكية في مشهد حوكمة عالمي أكثر تجزئة ولكن مترابطًا، حيث تختار الدول انتماءاتها بشكل استراتيجي بناءً على فوائد محددة وتوافقها مع المصالح الوطنية.

سؤال وجواب 

ماهوا دور الجزائر في الاقتصاد العالمي

دورها لا يزال مجهولا






إرسال تعليق

أحدث أقدم